جمعة مواطن بسيط مثله كمثل ملايين المهمشين من ابناء الشعب المصري
لونه بشرته يشبه لون الطمي على ضفتي نهر النيل
يعمل صيادا على قارب يمتلكه .. يكاد يكون الشيئ الوحيد الذي يمتلكه في تلك الحياة
هذا القارب ليس فقط مقر عمله ولكنه ايضا مقر اقامته
في نهار الصيف يرسو بقاربه تحت احدى الشجيرات المطلة باغصانها واوراقها على النهر مباشرة
يستظل بظلالها من قسوة الشمس ولهيبها
وفي الشتاء يرسو بقاربه تحت احد الكباري العابرة للنهر
وفي ليل الصيف وفي نهار الشتاء لا يتوقف عن البحث على رزقه الكامن في احشاء النهر
لا يرافقه سوى مذياع صغير متهالك وقد لف حوله حبل ليستر احشاء المذياع
!!!
في ليلة من ليالي الشتاء القارسة عاد جمعة منهكا الى مقر رسو قاربه تحت الكوبري
ونام سريعا من شدة التعب وبجواره المذياع وترتيل الشيخ محمد رفعت يصاحبه في قاربه
يستيقظ على صوت اذان الفجر
يزيح الغطاء من على جسده فيشعر بالبررودة الشديدة تخترق جسده
كأسد انقض على فريسته
يقاوم ما احس به ويمد يده الى ماء النهر ويتوضأ فيصلي ركعتين ويتوجه الى ذلك المسجد القريب من النهر الذي اعتاد الصلاة فيه منذ ان تم انشاؤه من بضع سنوات
تنتهي الصلاة ويذهب كما اعتاد الى احد الافران القريبة ليشتري الخبز بعد عناء ويعرج على بائع الفول لتكتمل مائدة افطاره المتواضعة وبعد تناوله الافطار يقوم بعمل كوب من الشاي على موقد الكيروسين الرابض في قاع القارب وبجوراه شيشة صغيرة (جوزة) متعته الوحيدة في الحياة !!
وربما ذنبه الوحيد ايضاً !
وبعد الافطار والشاي والمزاج البرئ !!
ينطلق جمعة بقاربه بحثا عن رزقه ويعود بعد الظهيرة ليرتاح قليلا ويعاود الانطلاق بعد العصر ويعود ليلا لينام
ويستيقظ على صفحة جديدة من كتاب حياته ليعيد فيها ماكتبه بالامس
لا يكسر روتين تلك الحياة سوى ذهابه للمقهى لمتابعة ناديه المفضل عبر تلفاز المقهى
ويشرب بعض السحلب .. فهو يحبه
وربما تلك متعته الثانية !!
تلك هي حياة جمعة منذ سنوات
ولكنها تغيرت رغما عنه !!!
ففي احد الايام استيقظ متأخراً عندما احس بدفء الشمس يداعب جسده الملقى تحت الغطاء
فانتفض سريعا .... لقد ضاعت الصلاة الفجر .. همس بها حزينا وهو يمد يده الى النهر ليتوضأ
وبعدما توضأ وفرغ من الصلاة
اخذ يبحث عن بعض الخبز المتبقي معه من الامس ليغمس به تلك قطعة الجبن بجواره ولكنه لم يجد الخبز
واثناء انهماكه في البحث انتبه على صوت يأتي من فوق الكوبري يردده بعض الناس
عيش حرية عدالة اجتماعية
فقال حمدا لله وقفز من القارب ليصغد سريعا اعلى الكوبري ويتلفت وسط الزحام
فلا يجد العيش ولكنه يجد الزحمة
فيردد كما يرددون
ولم يلبث جمعة كثيرا حتى ادرك مايدور حوله
فقرر ان يشارك في الثورة
وقسم جمعه يومه الى شقين
شق يقضيه في النهار بحثا عن رزقه داخل النهر
والشق الاخر ليلا مقيما في الميدان
ومرت الايام .. وسقط النظام
وعاد جمعة الى قاربه يبحث عن رزقه وبجوراه المذياع القديم مؤشره على محطة مصر الاخبارية
تنبعث من داخله كلمات ... ليبراليون .. علمانيون .. سلفيون .. اخوان ... دستور .. فلول
... مجلس عسكري ..
لم يعتاد جمعة تلك الكلمات ولم يستوعب فهمها
فأدار المؤشر واتجه الى صوت الشيخ محمد رفعت ليؤنس وحدته
!!!!!!!
للشعر مساحة
صبح الصبح والقلب صابح بيتمنى
بعد الصلاة والذكر دعينا لوطننا
من كل سوء او اذى ربنا يحميه
يبارك ربنا فيه ويبارك في ابداننا
بعض البشر صاحي وسياسة شاغلة الراس
طمعان يكون م الساسة ويبقى سيد الناس
لاعمر الوطن همه ولا لحظة فكر فيه
طمعان في الرئاسة .. وشغلته رقاص
وبعض البشر صاحية تفكيرها في قوتها
عايشة اليوم باليوم وحياتها زي موتها
عاشت ذليلة سنين وعشقت ذلها
عايشة لنفسها .. ولايوم سمعنا صوتها
وبعض البشر صاحية شاغلها هم الغير
ماليها حب الوطن وحب كل الخير
دقات قلوبها لغيرها وياما نكروا خيرها
صابرة ومستحملة
وبقوة متوكلة
على مولاها القدير
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــ
سبحان الله وبحمده
سبحان الله لعظيم