عقِلَّكْ .. لَا مَكَانَكَ هُوَ مَا يَجِبُ أَنْ يَتَغَيَّرَ !
كَثِيْرَا مَا تُصِيْبُ أَحَدُنَا كَبْوَةٌ فَيُفَكِّرُ فِيْ هَجْرِ الْمُجْتَمَعِ الَّذِيْ عَاصَرَ كَبْوَتِهِ
مُمَنِّيا نَفْسِهِ بِنَجَاحٍ فِيْ مَكَانٍ آَخَرَ ،
أَوْ يَرْبِطَ أَحَدُهُمْ نَجَاحِهِ بِتَغَيُّرِ الْظُّرُوْفِ أَوْ الْمَكَانِ ، وَالْحَقِيْقَةُ أَنَّ كُلَّ هَذَا
هُرَاءً وَأَنْ الَّذِيْ يَجِبُ تَغْيِيْرُهُ حَقّا هُوَ الْعَقْلُ الَّذِيْ يَعْتَنِقُ هَذَا الْتَّصَوُّرِ ، فَمَا
دَامَ عَقْلِكَ مَعَكَ فَلَنْ يُفِيْدُكَ الْتَّغْيِيْرِ شَيْءٍ ،
تُوَمَاسَ أَدِيْسُوْن يَقُوْلُ "لَنْ تَسْتَطِيْعَ حَلَّ مُشْكِلَةَ بِنَفْسِ الْذِّهْنَ الَّذِيْ أَوَجَدَهَا "
لِذَا يَجِبُ أَنْ تَطْرُدَ مِنْ ذِهْنِكَ أَنَّ الْظُّرُوْفِ إِذَا مَا تَغَيَّرَتْ فَّسَتَكُوْنُ أَكْثَرُ قُدْرَةً
عَلَىَ الانْتَاجِ وَالْعَطَاءِ ،
آَلِا بَلْ تَسْتَطِيْعُ الْإِنْتَاجِ وَالْعَطَاءِ مَنْ الْآَنَ ، وَإِلَا فَلَنْ تَسْتَطِيْعَ أَبَدا ، أَنَا لَا
أَنْكَرَ أَنْ تَغْيِيْرَ الْبِيْئَةِ فِيْ بَعْضِ الْأَحْيَانِ يَكُوْنُ صَحِيَّا ،
وَلَكِنْ فِيْ مُعْظَمِ الْأَوْقَاتِ يَكُوْنُ حُجَّةً فَارِغَةُ نَهْرُبُ بِهَا مِنْ مُوَاجَهَةِ أَنْفُسَنَا
وَمَوَاجَهَةٌ الْأُمُورِ الْقَائِمَةِ فِيْ حَيَاتِنَا.
وَلَقَدْ كنَتُ أَحَدٌ مِّنَ وَقَعَ أَسِيْرُ هَذَا الِاعْتِقَادِ لِفَتْرَةٍ مِنَ الْزَّمَنِ ، آِنَتُ أَعْتَقِدُ
خِلَالِهَا أَنَّ حَلَّ مَشَاكِلِيْ يَكْمُنُ فِيْ تَغْيِيْرِ الْوَاقِعِ الَّذِيْ أَحْيَاهُ ،
وَالْمُجْتَمَعِ الَّذِيْ يُحِيْطُ بِيَ ، وَبِأَنَّنِيْ إِذَا مَا تَغَيَّرَ الْزَّمَانُ وَالْمَكَانُ سَأَكُوْنُ
أَفْضَلُ حَالِا وَسَأَجْدُ مِفْتَاحُ تَفَوُّقِيٌّ وُسَعَادَتِيْ.
وَعِنْدَمَا حَدَّثَ مَا كُنْتَ أَرَجُو وَأَطْمَحَ وُجِدَتْ نَفْسِيْ وَجْهَا لِوَجْهٍ أَمَامَ وَاقِعِيٌّ
الَّذِيْ لَمْ يَتَغَيَّرْ ،
حِيْنَهَا تَأَكَّدَ لِيَ أَنَّ الْتَّغْيِيْرِ يَكْمُنُ فِيْ دَاخِلِ الْمَرْءُ نَفْسَهُ لَا فِيْ الْظُّرُوْفِ الَّتِيْ
تُحِيْطُ بِهِ ، وَأَنْ الْمَرْءُ مَا هُوَ إِلَّا نِتَاجِ أَفْكَارَهُ ومُعْتَقَدَاتِهُ.
يَقُوْلُ الْفَيْلَسُوْفُ الْأَيْرِلَنْدِيَّ جُوَرْجَ بِرْنَارْدُ شُوَ "الَّذِيْنَ لَا يَسْتَطِيْعُوْنَ تَغْيِيْرَ
عُقُوْلِهِمْ لَا يَسْتَطِيْعُوْنَ تَغْيِيْرَ أَيُّشَيْءٍ."
فَفِيْ عَقَلَ الْوَاحِدِ مِنَّا تَكْمُنُ الْأَفْكَارِ المُتَفَائِلّةً الحَمَاسِيَّةَ ، وَالْأُخْرَى
التَشَاؤُمّيّةً الْسَّوْدَاءِ ، وَمَنْ عُقُوْلِنَا تَتَوَلَّدُ مُعْتَقَدَاتِنا ، وَيَنْشَأُ سُلُوّكَنَا
وَتَصَرُّفَاتِنَا.
فَإِذَا مَا نَحَّيْنَا أَمَرَ الْفَشَلُ جَانِبَا ، وَانْطَلَقْنَا فِيْ طَرِيْقِ الْنَّجَاحَ وَالارْتِقَاءْ ،
بِدُوْنِ انْتِظَارِ تَغْيِيْرَ لَزَّمَانِ أَوْ مَكَانٍ ، فَإِنَّنَا سَنَكُوْنُ فَعَلْنَا الْكَثِيْرْ .. وَالْكَثِيْرُ.
أَعُوْدُ وَأُكَرِّرُ أَنَّ تَغْيِيْرَ الْبِيْئَةِ قَدْ يَصْلُحُ فِيْ أَحْيَانَ آثِيْرةً آَعُامْلً مِنْ عَوَامِلِ
الْنَّجَاحَ ، لَكِنَّنَا لَا يَجِبُ أَنْ نَرْهَنُ أَمْرِنَا بِهَذَا الْتَّغْيِيْرِ الَّذِيْ قَدْ يَأْتِيَ وَقَدْ لَا
نَرَاهُ.
فَلْنُغَيِّرْ مِنْ أَفْكَارِنَا ومُعْتَقَدَاتِنا ، نَتَسَلَّحُ بِالَايجَابِيّةً وَالاصْرَارِ ، وَنَبْدَأُ فِيْ
مُوَاجَهَةِ الْحَيَاةِ بِصَدْرِ لَا يَخْشَىُ الْهَزِيْمَةِ.
إِشْرَاقَةُ : الْضَرُورِيٌّ لِتَغْيِيرِ إِنْسَانٌ هُوَ أَنْ تُغَيِّرَ فِكْرَتِهِ عَنْ نَّفْسِهِ